الجدار المثالي

الجدار المثالي هو عبارة عن عازل بيئي يحافظ على البيئة الداخلية للمبنى دون أن يسمح للظروف الخارجية المحيطة من مطر وحرارة ورطوبة من التأثير على المبنى من الداخل. في السابق كانت الصخور تستخدم لهذه الغاية، ومع مرور الوقت وتطور العلم فقدت الصخور جاذبيتها وذلك بسبب تطور أساليب البناء.

وفي هذه الأيام يجب أن تتوفر أربع ميزات رئيسية في مادة عزل الجدران خاصة عند استخدام مواد غير صخرية وهي حسب أهميتها:
1.طبقة للتحكم بالمطر.
2.طبقة للتحكم في الهواء.
3.طبقة للتحكم في بخار الماء.
4.طبقة للتحكم الحراري.

إن الترتيب مهم في هذه الطبقات لأنك مثلاً إذا كنت لا تستطيع إبقاء المطر خارجاً فلا داعي لأن تضيع وقتك مع الهواء، وإذا كنت لا تستطيع إبقاء الهواء خارجاً فلا داعي لأن تضيع وقتك مع البخار وهكذا..

بما أن معظم العوامل البيئية تأتي من البيئة الخارجية، فإن أفضل مكان للتحكم بها هو من الخارج وقبل دخولها إلى البناء؛ ولذلك وحتى نحمي البناء فإن أفضل مكان لوضع طبقات التحكم هو الطبقة الخارجية للبناء، عندما تبني بالصخور فإن الصخور لا تحتاج إلى حماية كبيرة ولكن عند البناء بالخشب والحديد فالوضع مختلف. والآن وبعد أجيال من استخدام الصخور في البناء تبين أن الصخور لا تعطي أفضل عزل ممكن مع أن الصخور ليست سيئة إذا ما قورنت بالزجاج، ولكن إضافة إلى ما ذكرنا من ارتفاع أسعار الصخور فإنه يتطلب الكثير منها حتى نتمكن من المحافظة على نسبة جيدة من المقاومة الحرارية، الأمر الذي أدى إلى اختراع ما يسمى العازل الحراري.

ولكن أين نضع العزل؟ إذا وضعنا العزل داخل البناء لن يقوم بحماية البناء من الحرارة والبرودة، حيث أن التمدد، والتقلص، والصدأ، والتحلل، والأشعة الفوق بنفسجية هي نواتج لتغيرات في الحرارة، لذلك فإن كل طبقات التحكم يجب أن تكون على الغلاف الخارجي للبناء لحماية البناء من الدخول في هذه التغيرات ومنع دخول الماء بأشكاله المختلفة والأشعة الفوق بنفسجية.

أما عند التحكم بالهواء، فمن الممكن أن يحمل الهواء الكثير من الماء معه، والماء كما نعرف ضار بالبناء، لذلك يجب إبقاء الهواء خارجاً، وإذا سمحنا له بالدخول إلى البناء يجب التأكد انه لن يصل إلى درجة البرودة التي تسمح له بتكثيف بخار الماء الموجود بداخله وإسقاطه داخل البناء.

وحتى يكون البناء ملائما ومناسبا فيتوجب المحافظة على البيئة الداخلية للبناء، والتحكم السليم بها مع التركيز على نوعية الهواء بداخله، فإذا كان يستخدم لأغراض التنفس فإننا نحتاج إلى مكان محكم الإغلاق للقيام بعملية تكييف الهواء من تصفية وتغيير الهواء الداخلي إضافة إلى التحكم بالرطوبة والحرارة، إن أفضل مكان للتحكم بالهواء هو خارج البناء ولكن تحت طبقة العزل حتى لا يغير من حرارته، وبذلك نكون قد حصلنا على الجدار المثالي – طبقة تحكم بالماء، وطبقة تحكم بالهواء، وطبقة تحكم بالبخار، وفوق كل هذه الطبقات تكون طبقة العزل الحراري.

وبطبيعة الأحوال إذا قمنا بقلب الجدار المثالي فإننا سوف نحصل على السقف المثالي، وإذا قمنا بقلبه إلى الجهة المقابلة نحصل على الأرضية المثالية، لذلك فإن التركيبة الفيزيائية للجدار والسقف والأرضية هي تقريباً متشابهة.

ولكن نلاحظ في تركيبة السقف المثالي أن الطبقة التي تتحكم بمياه الأمطار والهواء والبخار تكون تحت طبقة العزل الحراري والحصمة وذلك لحمايتها من عوامل التلف من المياه، والحرارة، والأشعة الفوق بنفسجية.

إن أغلب مشاكل البناء تكمن في نقاط التقاء الجدار بالسقف، حيث يجب أن نراعي في هذه النقطة أن تكون الطبقة المتحكمة بالأمطار الموجودة بالسقف متصلة مع الطبقة المتحكمة بالأمطار الموجودة بالجدار، والطبقة المتحكمة بالهواء موجودة بالسقف متصلة مع الطبقة المتحكمة بالهواء الموجودة بالجدار وهكذا.

لندرس الآن كيفية بناء الجدار المثالي؟ هنالك ثلاثة طرق تستخدم لهذه الغاية وأفضل طريقة هي التي تعرف بالجدار المميز، وهي طريقة باهظة الثمن ولكنها في أغلب الأحيان تستحق ثمنها المرتفع، وهي تتكون من الخارج إلى الداخل:
طبقة حجر أو طوب ¬ تجويف ¬ عزل خارجي صلب (بولسترين منبثق، بولسترين ممدد، صوف صخري، ألياف زجاجية) ¬ حاجز مائي ¬ طبقة خرسانية ¬ قضيب معدني ¬ ألواح من الجبصين ¬ دهان شبه منفذ للبخار.

هذه النوعية من الجدران تستعمل عادة بالأبنية المميزة مثل تلك التي تورث من جيل إلى جيل كالمتاحف، المعارض، المحاكم، والمكاتب، فهذا النوع من الجدران يتناسب مع جميع الأجواء المناخية، والشيء الوحيد المرتبط بالمناخ هو سماكة العزل الحراري حيث تزداد أو تقل حسب العزل المطلوب.

النوع الثاني من الجدران هو الجدار التجاري، هذا الجدار يجب أن يستخدم في أي بناء تجاري، وهو الجدار الأساسي الذي تعتمد عليه البنية التحتية ويتكون من الخارج إلى الداخل:
طبقة طوب أو حجر ¬ تجويف ¬ عزل خارجي صلب (بولستيرين منبثق، بولسترين ممدد) ¬ صوف صخري، ألياف زجاجية) ¬ حاجز مائي ¬ تجويف معدني غير معزول ¬ ألواح من الجبصين ¬ دهان شبه منفذ للبخار.

نلاحظ أن لدينا بنية موصلة، ولذلك يجب أن تتمركز طبقة العزل على السطح الخارجي، حيث أنه من الإجراءات الخاطئة أن تعزل ضمن إطار موصل للحرارة، ويمكن أن يبنى هذا النوع من الجدران في أي بيئة مناخية مع مراعاة سماكة العزل.

والجدار الثالث هو الجدار السكني ويلاحظ به أن الفجوة الموجودة داخل الجدار معزولة وذلك بسبب استخدامنا بيئة غير موصلة نسبياً، وهي عبارة عن خشب ومواد معتمدة على الخشب الذي لا يعتبر موصلاً، ويتكون هذا الجدار من الخارج إلى الداخل:
طبقة طوب أو حجر ¬ تجويف ¬ عزل خارجي صلب (بولستيرين منبثق، بولسترين ممدد، صوف صخري، ألياف زجاجية) ¬ حاجز مائي ¬ غلاف خارجي من الجبصين ¬ تجويف خشبي معزول ¬ ألواح من الجبصين ¬ دهان شبه منفذ للبخار.

يمكن استخدام هذا النوع من الجدران تقريباً في معظم مناطق العالم (ما عدا الاسكا)، كما يجب عدم استخدام أي عوائق للبخار في داخل الجدار، حيث من المفترض أن يجف الجدار داخلياً وخارجياً بواسطة طبقات التحكم.

وهكذا نلاحظ أن الجدار المثالي يحتاج إلى فجوات للتصريف بشكل مستمر، وعوائق للهواء، وطبقة عزل حرارية، وطبقة تحكم بالبخار لتسمح بالتجفيف على الجهتين في حال حصول أي رطوبة، وكل هذا يتمركز خارج البناء، إن حاجتنا لاستخدام الجدار المثالي الآن هي أكثر من أي وقت مضى لأنه يتوافق تماما مع مبدأ تحسين كفاءة الطاقة.

No Comments Yet.

Leave a reply

*